للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاء [ ... ] (١) معنى النفث، واللام والظاء أنسب بمعنى اللفظ، وقريب منهما كلمة «نبذ»؛ ذلك أن الإشارة معنوية.

ومن الحسية (٢) كلمة «ذوق»، فإن عادة من يتذوق شيئًا أن يضع قليلاً منه على لسانه، ثم يديره في فيه، ويغلب أن يصل به إلى الحلق.

ومن المعنوية كلمة «قرب» تبدأ من أقصى الحلق ثم تتوسط ثم تصل إلى أقرب ما يلي [ ... ] (٣) وهو الشفة.

أما «بلغ» فالإشارة فيه معنوية، ومنه «مضغ».

هذا ما حضرني (٤)، فإذا ضممت هذه الطريقة مع التوسع في الإشارة


(١) كلمتان غير واضحتين، ولعلهما: «أنسب ببيان».
(٢) أي: ومن الإشارة التي تدرك بالحسّ.
(٣) هنا كلمة لم تتضح لي.
(٤) إن الأمثلة التي ذكرها في قوله: «ومن ذلك كلمة بلع ... إلخ»، وما قرره من مناسبة دلالات الكلمات لمدلولاتها، يشبه ما بينه ابن جني في الخصائص شبهًا قريبًا، إلا أن ابن جني لم يتعرض للإشارة المعنوية أو الحسية باللسان، وهاك كلامه حيث قال في (٢/ ١٦٢): « ... نعم، ومن وراء هذا ما اللطف فيه أظهر، والحكمة أعلى وأصنع، وذلك أنهم قد يضيفون إلى اختيار الحروف وتشبيه أصواتها بالأحداث المعبر عنها بها ترتيبها، وتقديم ما يضاهي أول الحدث، وتأخير ما يضاهي آخره، وتوسيط ما يضاهي أوسطه، سوقًا للحروف على سمت المعنى المقصود، والغرض المطلوب، وذلك قولهم: بحث، فالباء لغلظها تشبه بصوتها خفقة الكف على الأرض، والحاء لصحلها تشبه مخالب الأسد، وبراثن الذئب، ونحوهما إذا غارت في الأرض، والثاء للنفث، والبث للتراب ... ومن ذلك قولهم: شد الحبل ونحوه، فالشين بما فيها من التفشي تشبه بالصوت أول انجذاب الحبل قبل استحكام العقد، ثم يليه إحكام الشد والجذب، وتأريب العقد، فيعبر عنه بالدال التي هي أقوى من الشين، لاسيما وهي مدغمه، فهو أقوى لصنعتها، وأدل على المعنى الذي أريد بها .. » إلخ. اهـ باختصار.