للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحو: «السوق زُيِّنَتْ» مراعاةً صوريّة لحال المسند إليه تحسينًا للصورة؛ لما يتراءى في قولك: «هي الملكُ قَدِم» و «السوق زُيِّنَتْ» من الإخبار عن المذكر بالمؤنث، وعكسه (١).

ويشبه هذا ما قالوه في الجر بالجوار في نحو قول امرئ القيس:

كأن أبانًا ... (٢)

جر «مزمل» رعايةً للجوار؛ لأنه إذا رفع «مزمل» كان في الصورة كالمستنكر، إذِ الغالب أن يكون النعتُ عَقِبَ المنعوتِ فيُتَوهَّم أنَّ «مزمل» نعتٌ لبجاد (٣).


(١) انظر: المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل (١/ ١١٦)، والهمع (١/ ٢٣٤).
(٢) هذا البيت من معلقته المشهورة، وتمامه ــ كما في شرح القصائد السبع لأبي بكر الأنباري (ص ١٠٦) ــ:
كأن ثبيرًا في عرانين وَبْله ... كبير أناسٍ في بجادٍ مُزَمَّلِ
وروى المبرد في الكامل (٣/ ٦٦)، تبعًا للأصمعي:
كأن أبانًا في أفانين وَدْقه .... إلخ

وثبير وأبان: جبلان، والعرانين: الأوائل، والأفانين: الأنواع، والودق والوبل: للمطر، والبجاد: كساء مخطط من الوبر والصوف، والمزمَّل: باسم المفعول: الملفَّف.
(٣) اختلف النحاة في جر «مزمل» على ثلاثة مذاهب:
أ- أنه مجرور على جوار كلمة «بجاد»، وعليه أكثر شراح المعلقة، وقاله جماعة كبيرة من النحاة.
ب- أنه مجرور لمجاورته كلمة «أناس»، وهو مذهب الرضي في شرحه للكافية، ولم يقبله البغدادي في الخزانة.
ج - أنه ليس مجرورًا على الجوار، بل هو صفة ونعت حقيقي لـ «بجاد»، والتقدير: مُزمَّلٍ فيه. فحذف الجار فارتفع الضمير، فاستتر في اسم المفعول، وهو قول أبي علي الفارسي، وتلميذه ابن جني، كما في الخصائص (١/ ١٩٢)، (٣/ ٢٢١).
وراجع الخزانة (٥/ ٩٨)، وتذكرة النحاة لأبي حيان (ص ٣٠٨، ٣٤٦).