للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} [هود: ٢٦ - ٢٧].

وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: ٢٣ - ٢٤].

فيظهر أنهم لو كانوا يجحدون الله عزَّ وجلَّ لبدأ بإثبات ذلك أو لأجابوه بجحد الله عزَّ وجلَّ.

[س ٥٤/ب] وقولهم: {مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} إنكار أن يترقى البشر إلى أن يكون رسولًا لله عزَّ وجلَّ. وقولهم: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً} ظاهرٌ في اعترافِهم بالله عزَّ وجلَّ وبالملائكة، وزَعْمِ (١) أن الله عزَّ وجلَّ لو أراد الإرسال لما أرسل إلا مَلَكًا؛ لأن البشر لا يتأهَّل لمرتبة الرسالة في زعمهم، فيبعد أن ينكروا أهلية البشر للرسالة وهم يعتقدون في بعض البشر الربوبية المشتملة على الاستقلال بالخلق والرزق والتدبير، فكيف بالجمادات؟ بل كانوا يرون أن الرسالة أَعْلَى وأجلُّ من الألوهية, فيرون الألوهية مستحقة لبعض البشر أو الجماد ويستبعدون أو يحيلون تأهُّلَ البشر للرسالة, فاعرف هذا واحفظه وتدبَّرْ واعتبر.

وقال عزَّ وجلَّ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ [س ٥٣/أ] اعْبُدُوا


(١) معطوفٌ على "اعترافِهم".