وعليه، فالآية ظاهرة في أنهم كانوا يعبدون الله عزَّ وجلَّ في الجملة.
ومما يؤيِّد ما قاله صاحب تفسير الجواهر في ترتيب اعتقاد البابليِّين وأن ذلك كان اعتقادهم حتى بُعث إليهم إبراهيم عليه السلام ما حكاه الله عزَّ وجلَّ عن إبراهيم عليه السلام في قضية الكوكب والقمر والشمس، فلنذكرها هنا مع تفسيرٍ يوافق ظاهرها، وهو مطابق لما ذكره صاحب التفسير.
قال الله عزَّ وجلَّ في سورة الأنعام:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ} أي ــ والله أعلم ــ في أوَّل أمره قبل أن يصرِّح بإبطال دين قومه {لِأَبِيهِ} أي ــ والله أعلم ــ بحضرة قومه كما نص عليه في سورة الشعراء {أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً}، أجمل القصَّة هنا وفصَّلها في سورة الشعراء حيث قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (٧١) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: ٦٩ - ٧٤]، فكأنه والله [أعلم] قال لهم أوَّلًا ما ذُكر هنا.
[س ٩١/ب] أي: لأن نوره في حِسِّنا أعظم من نور الكوكب، ونفعه المحسوس أعظم، {فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}[الأنعام: ٧٧]، كأنه يقول: إن القمر بقوَّة نوره وظهور نفعه قد يغرُّ الناظر ويشغله عن استحضار كونه يأفل أيضًا، فلا يستحضر ذلك إلا عند رؤيته آفلًا.
وفي كلامه هنا غاية اللطف والحكمة حيث ارتفع عن قوله في الكوكب:{لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} إلى ذكر الرب الحقيقي وأنه وحده الهادي، ومَن لم يهده فهو ضال، وفي ذلك أن عبادة القمر ضلال، ويلزم من ذلك أن عبادة الكوكب أشدُّ ضلالًا، ولكن لم يواجه قومه بقوله: أنتم ضالُّون؛ رغبةً في بقائهم