للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحريم: ٣]، {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: ٩٤]، فإن جاء خلاف هذا ففيه حذف، كقول الحاجب للمستأذن: قد نبَّأْتُ الأميرَ بك، فإن أصله قد نبَّأتُ الأمير بوقوفك أو بحضورك أو نحو ذلك.

وعلى هذا فالمنبَّأ به في الآية هو العلم بأن له تعالى شركاء، فالمعنى: أتنبِّؤون الله بالعلم بأنَّ له شركاء، وهو لا يعلم هذا العلم موجودًا في الأرض عندكم ولا عند غيركم، كما إذا قيل لك: متى تقوم الساعة؟ فتقول: هذا العلمُ لا يعلمه الله تعالى في الأرض، تريد أنه لا يوجد في الأرض.

الوجه الثاني للباء: أن تكون هي التي بمعنى (مع) أي أتنبِّئون الله بأن له شركاء مع علمٍ. فهذا العلم غير موجود في الأرض عندكم، ولا عند غيركم، {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} أي بمجرد ما قاله آباؤكم، والآية من باب قوله تعالى: {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعام: ١٤٣]، ولعلَّ هذا الوجه أولى، وعلى كلٍّ فليس في الآية دليل على أن المراد بالشركاء هنا الأصنام.

ويؤيد هذا قوله {قُلْ سَمُّوهُمْ}، والمراد به ــ فيما قيل ــ تعجيزهم، أي: إنه لا أسماء لهم، والأصنام معروفة الأسماء عندهم.

فإن قلت: سيأتي في تفسير آيات النجم ما ينافي هذا. قلت: المعنى هنا ــ والله أعلم ــ سمُّوهم تسمية مستندة إلى علمٍ، وما في آيات النجم تسمية خَرْصيَّة.

وعلى هذا، فالظاهر أنَّ (١) المراد بالشركاء في الآية الأشخاص الخيالية. والله أعلم.


(١) كُتب في الأصل بعد هذا علامة إلحاق، ثم كتب "وعليه فالظاهر أنّ"، وهو تكرار لما سبق.