للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنتثر في محاسنك الدُّودُ، بل استعِدَّ لسؤالِ منكرٍ ونكيرٍ وعذابِ اللُّحود.

واعلَمْ أنَّ القبرَ إمَّا روضةٌ من رياض الجنة، وإمَّا حفرةٌ من حُفَر النار، فلا يزال في نعيمٍ إنْ كان من الأخيار، أو جحيمٍ إنْ كان من الأشرار؛ حتى تُحشَرَ الناسُ، فتُوضَع الموازينُ، ويُنصَب السِّراطُ، وتَطايَرُ الصحفُ؛ فمِنْ آخذٍ بيمينه، ومن آخذٍ بشماله.

ثم إمَّا إلى سِدْر مخضود، وطلح منضود، وظلٍّ ممدود، وماء مسكوب، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة؛ لأنها دار الخلود. وإمَّا إلى سَموم وحميم، وظلٍّ من يحموم لا باردٍ ولا كريم.

الحديث: رُوي عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: "من أحبَّ دنياه أضرَّ بآخرته، ومن أحبَّ آخرته أضَرَّ بدنياه، فآثِرُوا ما يبقى على ما يفنَى" (١).

وعنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: "يُحشَر الناسُ يوم القيامة ثلاثةَ أصناف: صِنفًا مُشاةً، وصنفًا رُكبانًا، وصنفًا على وجوههم". قيل: يا رسولَ الله، وكيف يمشُون على وجوههم؟ قال: "إنَّ الذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ على أن يُمْشِيَهم على وجوههم. أمَا إنَّهم يتَّقون بوجوههم كلَّ حدَبٍ وشوكٍ" (٢).

هذا، وإنَّ الله سبحانه وتعالى يقول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا


(١) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (١٩٦٩٧)، وابن حبان في "صحيحه" (٧٠٩) والحاكم في "المستدرك" (٧٨٥٣) وغيرهم من رواية أبي موسى الأشعري بسند فيه انقطاع. وأخرجه ابن أبي عاصم في الزهد من رواية أبي هريرة بسند حسَّنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣٢٨٧). وانظر الضعيفة (٥٦٥٠).
(٢) أخرجه الترمذي (٣١٤٢) من حديث أبي هريرة، وقال: هذا حديث حسن.