للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض، كما أنَّ النجوم لأهل السَّماء أمان (١)؛ وصحابتهِ الذين رُزِقُوا قُرْبَه، ومُنِحوا حُبَّه، وجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم، فكانوا في الدنيا والآخرة صَحْبَه، {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: ٨].

أما بعد، عبادَ الله، فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، فتداركوا التوبةَ ما دام في القوس منزَع، وفي الحياة (٢) مطمع. وخلِّصوا أنفسكم من حبائل الآمال، وافزعوا إلى فضائل الأعمال؛ فإنما الآمال كالسَّراب، كلَّما جهدتَ نفسَك سعيًا لم تُدرِكْ (٣)، ولا تَحصُلُ على غير الهلاكِ إنْ لم تيأَسْ منه وتَتْرُكْ؛ فحَذارِ حَذارِ من ركوبِ الأخطار، وغضبِ الجبار، وعذاب النار. فطوبى لمن بادر أجلَه، فأصلَحَ (٤) عمله. وويلٌ لمن غَفَل عن أجله، فصادفه تائهًا في أمَلِه، مسرفًا في عمَلِه.

وقد علمتم ما فرض الله عليكم من الواجبات، وما رغَّبكم فيه من المندوبات، وما حذَّركم عنه من المحرَّمات، وما رغَّبكم في تركه من


(١) يشير إلى ما أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (٢٠٧٩) والروياني في "مسنده" (١١٦٤، ١١٦٥) عن سلمة بن الأكوع مرفوعًا. وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي، وهو متروك. وانظر "السلسلة الضعيفة" للألباني (٤٦٩٩).
(٢) رسمها في المبيضة: "الحيات".
(٣) في (ل ١٨/أ): "لم تدركه"، وكذلك "وتتركه" فيما يأتي.
(٤) في (ل ١٨/أ): "فأحسَن".