للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنْ أُمِرتم بطاعةٍ لم تفعلوها، وإن سمحَتْ أنفسُكم بفعلها لم تُكملوها. فإن توضَّأتم لم تُسْبِغوا، وإنْ اغتسلتم لم تَدلُكوا، وإن غسلتم نجاسةً لم تُبالِغوا، وإن صلَّيتم لم تُحسِنوا. وإن صُمتم لم تُمسِكوا عن اللغو واللهو. وإن حججتم لم تكسِبُوا إلا حرامًا. وإن تكلَّمتم ففي غير ذكر الله. وإن قرأتم القرآنَ لم ترتِّلوا. وإن ذكرتم الله تعالى لم تكملوا.

فاعلموا أنَّ الله تعالى طيِّبٌ لا يقبل إلا طيِّبًا. فأحسِنُوا صلاتكم، وأتِمُّوا ركوعَكم وسجودكم. وأسْبغُوا طهارتكم، واخزُنوا ألسنتَكم، واحمُوا قلوبَكم، وغُضُّوا أبصارَكم، وحَصِّنوا فروجَكم، وانصحُوا لله ولرسوله ولإخوانكم، وليكُنْ لله تعالى حبُّكم وبغضُكم.

واعلموا أنَّ بين أيديكم قبورًا إمَّا حُفَر تتلظَّى جحيمُها، وإمَّا غُرَفٌ يزهو نعيمُها. وبعد ذلك البعثُ إلى موقفِ الحشر والأهوال، والاصطلاء بشدة الأوجال. وبعد ذلك للأشقياء نارٌ (١)، عذابُها شديد، وطعامُها ضريع، وشرابُها صديد؛ فيها حيَّاتٌ وعقاربُ، ومقامعُ من حديد.

الحديث: قال - صلى الله عليه وسلم - : "الطُّهورُ شطرُ الإيمان، والحمدُ لله تملأ الميزانَ، وسبحانَ الله والحمدُ لله تملآن ــ أو تملأ ــ ما بين السَّماء والأرض، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ برهانٌ، والصبرُ ضياءٌ، والقرآن حجةٌ لك أو عليك. كلُّ الناس يغدو فبائعٌ نفسَه، فمُعْتِقُها أو مُوبِقُها" (٢).

ألا، وإنَّ أبلغ كلامٍ تلينُ القلوبُ بقبضهِ وصرفِه، وتتهذَّب النفوسُ ببسْطِه


(١) في الأصل: "نارا".
(٢) أخرجه مسلم (٢٢٣) من حديث أبي مالك الأشعري.