للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميعِ الطاعات، والحبُّ والبغضُ فيه، لا لهوى النفس، فالهوى أشدُّ الموبقات.

وتفكَّروا في أنعُمِ الله سبحانه التي غمرَكم بها عمومًا وخصوصًا [] (١) كلَّها لا تخلو ذرَّةٌ منها من نعمةٍ على ابن آدم. كيف لا، وهو خلَقَه، فأحسن خَلْقَه؟ فَتَح عينَيه، وفَكَّ لَحْيَيْه، وأنطقَ لسانَه، وأسمَعَ آذانَه، وبلَّ بِريقه لَهاه، وأشَمَّ أنفَه، وجعلَ له معدةً تطبخُ طعامَه، وأمعاءً تخلِّصه، وكبدًا تنقِّيه، وعروقًا تغذِّي سائر ذرَّاتِ جسدِه، ومنافذَ تُخِرج عنه فضلاتِه، وقلبًا يعقِلُ به، ويدَين يبطش بهما، ورجلَين يمشي عليهما. وعَلَّمه ما لم يكن يعلَم، وأخدَمَه ما هو أقوى منه وأعظم. وجعل من جنسِه مَن هو أفضلُ الخَلق، وأرشَدَه إلى منهجِ الحقِّ، وبيَّن له الخيرَ من الشرِّ، والنفعَ من الضرِّ، إلى غيرِها من نِعَمٍ لم تقدروا قدرَها ولم توفُّوها، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨].

وإنَّ من أجَلِّ نِعَمِه أنْ أقام فينا إمامَ حقٍّ يُرشِدُنا إلى الهدى، ويحُوطُنا من العِدَا، ويُجَنِّبُنا سُبُل الرَّدى (٢)، ويُعلِّمُ الجاهل، ويُكرِمُ العالمَ، ويُنصِفُ المظلومَ من الظالم؛ فنصَرَه على من عاداه، وأعلى قدمَه على مفارقِ من ناوَاه. وكذلك وعَدَ الله سبحانه وتعالى من يُؤيِّدُه دينَه ويُظِهرُه. قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: ٤٠].

الحديث: عن عمران بن الحصين رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول


(١) تمزقت الورقة، فذهبت كلمتان أو ثلاث.
(٢) رسمها في الأصل: "الردا".