للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْكُمُونَ} [الجاثية: ٢١].

ابنَ آدم، هل تقول: الموتُ لروحك نازِع، وإنَّك لكأسه العَلْقميِّ جارِع، وإنَّه لعزِّك وعزمِك عمَّا قريبٍ صادع؟ فيا له من صارعٍ لا يصارعه مُصارع، ولا تُقبَل فيه مقالةُ شافع، ولا يسلَم منه أحدٌ من دانٍ وشاسع! ما أظنُّكَ إلَّا مكذِّبًا به، وتظنُّك لنفسك نافِع، أو تظنُّ مالَك لك إلى علِّيين رافِع. كلَّا، والله، إنه عما قريب لِقَدَمِه عليك واضع، ولِوَتينك غيرَ بعيدٍ قاطع. وإنَّ بعدَه عذابَ القبر النازلَ بالمجرم ضليع أو ظالع (١)، وإنَّ الإنسان بعد ذلك إلى ربِّه لَراجع. فما أظنُّك إلا مكذِّبًا بذلك ناظرًا في قول الله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [المرسلات: ٧].

فاتَّبِعْ أمرَ الله تعالى، وَاتْرُكْ ما تهواه أنت لِما ربُّكَ يهوَى؛ وَاتْرُكْ معاندةَ ربِّكَ، فإنَّه منك لَأقوى. فيا سعادةَ من اتَّبعَ رضوانَ ربِّه، وكفَّ عن جميع الأسوا! ، ويا شقاوةَ من اتَّبَع في عصيان ربِّه طاعةَ نفسه، وخضَعَ لطلبَاتِ الأهوا! والله تعالى يقول: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٣٧ - ٤١].

الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أتدرون مَن المفلِسُ؟ " قالوا: المفلسُ فينا مَن لا درهم له ولا متاع. قال: "إنَّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شَتَم هذا، وقذَفَ هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وسفَكَ [دمَ هذا] وضرَبَ [هذا] فيُعطَى


(١) رسمها في الأصل بالضاد.