للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكرمَ أولياءه، وأهلك أعداءه. وما زال يهدي العبادَ إلى طاعته، ويُدخلهم في ظلال دعوته. فمِن أوجب الواجب أن نحمدَ الله على هذه النِّعَم، ونشكره على ما دفَعَ من النِّقَم، بعد أن كانت الأرض تشتعل خوفًا وقتلًا، أصبحت تَفيض نِعَمًا وفضلًا. وأشرقت الأرض بنور ربِّها، وبُدِّلت عن جَدْبِها بخِصْبها. فعليكم بشكر الله، فإنه سببُ المزيد؛ وإيَّاكم ومعصيته، فإنَّها موجبةٌ لسلب النَّعم والعقاب الشديد.

الحديث: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال" (١).

يا أهل هذه الدعوى أنَّكم طائفةُ الإسلام وحزبُ الله في جميع الأنام، فاعلموا ما يُراد بكم، واعملوا ما يليق بكم، وافطنوا لما رُشِّحتم له؛ فلا ترعَوا مع الهَمَل. واتَّقوا الله الذي أهَّلَكم لنصر دينه، فأصلحوا العمل.

وإنَّ أبلغ الكلام كلامٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والله سبحانه وتعالى يقول [ل ٥٠/أ]: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (٢٣) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٢٤) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ


(١) تقدّم تخريجه في الخطبة (٣٢).