للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أنَّك لا تقدِرُ على أن تتَّقي الله حقَّ تقاته، ولا أن تُخلِصَ جميعَ أعمالك لمرضاته، ولكن اجهد نفسَك، فإنَّ الميسورَ لا يسقُط بالمعسور.

وانظُرْ لنفسك ما يُنْجيها يومَ النُّشور، يومَ يُنفخ في الصُّور، يومَ تُبعثَر القبور، يومَ يُجازَى كلُّ كفور، ويُنعَّم أهلُ الأجور، ويتجلَّى الرحيمُ الغفور بالانتقام لأهل البغي والفجور، فيحقُّ لأهل الطاعة السُّرور، ويحقُّ الويلُ والثُّبورُ على أهل الجهل والغرور.

فيا أيها العاصي أبشِرْ بالعذاب، إنْ لم يتداركْك الله برحمته؛ ويا أيها الطائعُ أبشِرْ بفضل الله وجنَّته، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.

الحديث: قال عليه أفضل الصلاة والسلام لأصحابه: "أتدرون ما المفلسُ؟ " قال: المفلسُ فينا مَن لا درهم له ولا متاع. فقال: "إنَّ المفلسَ من أمَّتي مَن يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شَتمَ هذا، وقذَفَ هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وسفَكَ دَمَ هذا، وضرَبَ هذا. فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإنْ فنِيتْ حسناتُه قبلَ أن يُقْضَى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم، فطُرِحَتْ عليه، ثم طُرِحَ في النار" (١).

ألا، وإنَّ أحقَّ الكلامِ بالاستماع، وأجدرَه بالاتباع= كلامُ الله. وهو سبحانه وتعالى يقول: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ


(١) تقدم تخريجه في الخطبة السابعة والثلاثين.