نحن معشرَ متفاقهةِ الأمة في هذا اليوم، الذين لو قال قائلٌ بوجوب تنزيه لفظة "الفقه" عنّا ما كان عليه عَتْبٌ ولا لومٌ، نتكلَّف تعاطِيَ بعض الحيل الفقهية، المتوصَّلِ بها إلى سَلْب الأطماع الدنيوية، المتّخذةِ حبائلَ لأخذ أموال الناس بالباطل المبين، وأخْذِ الرُّشا ودَحْضِ الحقّ وإعانة الغيّ والظلم والظَلَمة الجائرين. ترى فريقًا منّا رَمَتْ بهم الجهالةُ في مَهاوِي الضلالة؛ فوقعوا في مَهلكة التثبيط، فيزعمون أنّ هذا الجهاد ليس لوجه الله تعالى، وإنّما هو حَربٌ لطلب التملك والأطماع، فأولى لهؤلاء! أولى لهم! ضَلُّوا وأضلُّوا! ألا ينظرون أنّ البلاد التي يُقاتَل عليها هي التي كانت بالأمس تحت أيدينا، وأكثرُ أهلِها إخوانُنا نسبًا ودينًا، وإنّا إن غفلنا عن حَرْبِ مَن تغلَّب عليها لم يُقصِّروا عن التشبُّثات لدخول ما تحت أيدينا.
فهَبْ هذا الجهاد ليس لوجه الله تعالى، أليس دفاعًا عن أوطاننا وأهلينا ونسائنا وأولادنا ومساجدنا ومعابدنا وقبور فضلائنا؟ وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"من قُتِل دونَ عِقالِ بَعيرٍ فهو شهيد"(١).
فأين عقولُهم يا تُرى؟ أيظنُّون أنّ عدوَّنا ــ والعياذ بالله ــ إذا تمكَّن من دخول بقيّة بلادنا يُبقِينا كما عليه اليوم ما في يده؟
لا والله، بل يَهدِم المساجد، بل يردُّها كنائسَ وبِيَعًا، ويُخرِّب قبور
(١) لم أجده في مصادرنا بهذا اللفظ، وهو مشهور عند الشيعة، وقد ورد في كتاب "وسائل الشيعة" (١٥/ ١٢٠): "من قُتل دون عقالٍ فهو شهيد". وذكر أن في نسخة: "دون عياله".