العلم، وأطبق أناس على الكتابة مع الحرص على الحفظ، وكانوا يبالغون في حفظ كتبهم. ثم ذكر وجوه التلقي وأحوال كتب العلماء التي كانوا يعتمدون عليها بخط أيديهم. قال:"فلما كثرت المصنفات، واشتهرت نسخها، وطالت الأسانيد، وضعفت الهمم= توسع الناس في الإجازة إلى أن صارت الرواية صورة لا روح فيها، وانحصر الأمر في كون النسخة موثوقًا بها".
ثم أشار إلى درجات الثقة بالنسخة، وأن الفرع كلّما بعد عن أصل المصنف ضعفت الثقة به.
ثم تكلم على أسباب اختلاف الفرع عن الأصل، وأفاض القول فيها. وذكر تسعة أسباب، منها: التصحيف، ومنها: اشتباه الحرف بآخر أو كلمة بأخرى في كثير من الأصول لتعليق الخط أو رداءته أو قرمطته، وأورد أمثلة لذلك من كتاب "التاريخ الكبير" للإمام البخاري. ومنها: خطأ الناقل في إقحام الحاشية في المتن، والتحريف السمعي، والتحريف الذهني، وتصرُّف النساخ، وتصرُّف القراء جهلًا أو خيانةً.
ثم انتقل من الكتاب المخطوط إلى الكتاب المطبوع، وذكر المراحل التي يمرُّ بها الكتاب عادة في المطابع، وذكر الطريقة المتبعة في دائرة المعارف العثمانية. ووصف حال هذا الكتاب واختلاف درجات صحته بحسب حال الأصل، وحال ناسخ المسودة منه، ثم حال المقابلَين على الأصل وعلى أصل آخر، ثم حال المصحح العلمي من العلم والثقة والأمانة، وما دفع له من المكافأة وما فسح له من الوقت؛ ثم حال مركبي الحروف، ثم مقابلة التجارب على المسودة. فلا عجب أن يجيء المطبوع