أخرى حتى يثق بأنها هي التي تليها. فإن اتضح له عدم الاتصال بدأ فتصفح أوراق الكتاب، فإن تبيَّن له بيانًا واضحًا أن في الأوراق تقديمًا وتأخيرًا راجَعَ المصحح أو رجلًا آخر من أهل العلم ويعمل بقوله، [ص ٢٢] ويشرح ذلك في هامش النقل. وإن بان له أن بعض الأوراق سقط راجَعَ ملتزم الطبع. فإن أمَره بمواصلة الكتابة عَمِل بذلك وبيَّن في موضع السقط من هامش النقل أن هناك سقطًا لبعض الأوراق. وإن لم يتبين له شيء، وشكَّ في الاتصال وعدمه، راجَعَ المصحح أو رجلًا آخر من أهل العلم.
وأولى من هذا كله أن يبدأ المصحح أو رجل من أهل العلم بتصفح النسخة قبل النسخ، فإن وجدها متصلة الأوراق، لا سقط فيها ولا تقديم وتأخير، فذاك؛ وإلّا أرشد الناسخ إلى ما يلزم.
ولا يكتفي لمعرفة الاتصال بمطابقة "التَّرْك"(١)(وهو الكلمة التي تكتب على طرف آخر الورقة) لأول الورقة التي تليها، فإنه قد يتفق الترك في ورقة مع أول ورقة أخرى غير التي حقها أن تليها. وربما سقط بعض الأوراق أو يقع تقديم وتأخير، فيجيء مالك النسخة التي يريد بيعها، فيكتب على طرف آخر الورقة مثل الكلمة في أول الورقة التي تليها في تلك النسخة إما جهلًا وإما غشًّا. وكذلك لا يكتفي بتسلسل الأرقام فإنه قد يقع الغلط فيها والاشتباه، وقد تكون كتابتها حديثة بعد وقوع السقط أو التقديم والتأخير إما جهلًا وإما غشًّا، بل الدليل القوي اتصال الكلام وتسلسل العبارة, وأقوى من ذلك مراجعة نسخة أخرى.
(١) يعني التعقيبة. وهو من مصطلحات علماء الهند، ومثله "الركاب". انظر "فرهنك آصفيه" (١/ ٦١٠) وقد تمَّ تأليفه سنة ١٨٩٥ م.