المسودة جامعة لما في تلك النسخ، ثم يتصرف فيها المصحح بما يقتضيه التصحيح، كما يأتي في بابه إن شاء الله تعالى، فيأتي هنا عامة ما تقدم في العمل السابق.
ولابد أن يكون المقابلان من أهل [ص ٢٦] العلم والمعرفة والممارسة ولاسيما لفن الكتاب، وأن يستحضرا أسباب الغلط التي مرت في المقدمة، ويحرص كل منهما على فهم عبارة الكتاب كما يجب؛ فإن ذلك مَنْبَهَةٌ على الغلط. وبالتنبُّه للغلط يستعان على تبيُّن اختلاف النسخ الاختلافَ الذي لا يظهر بالنطق إمَّا لتماثل الصورتين في النطق مثل "منوال" و"من وال"، و"ادع الله" و"ادعوا الله"؛ وإما لاشتباههما لتقارب مخارج الحروف، وإما لإسراع القارئ في القراءة، أو تسامح الناظر في تحقيق الاستماع وتحقيق النظر.
وبالجملة فالمدار على جودة المعرفة، وطول الممارسة، وصدق التثبت، والحرص على الوفاء بالمقصود. فإذا اختل شيء من ذلك في المقابلين أو أحدهما لم يوثق بالمقابلة. وإذا توفرت الشروط، فالأولى السماح لهما باطراح الاختلافات التي يتضح لهما جدًّا أنه لا فائدة في التنبيه عليها، إذ لو كُلِّفا إثباتها زادت المشقة، وأبطأ العمل، وكثر السواد في المسودة؛ فيعسر الطبع عنها، وليحتاطا في ذلك جهدهما.