اثنتين، كما قد تشتبه النقطتان بالفتحة أو الكسرة، وتشتبه كل من (ب ت ث ن ي) في الابتداء بالميم، وأحدها يليه ميم في الابتداء بالعين والغين، وأحدها في الأثناء، وكذا العين والغين بالفاء والقاف، وتشتبه الزاي بالنون، والدال والذال بالراء والزاي، وتشتبه الفاء والقاف مفردتين أو في الأخير بالنون، إلى غير ذلك، مما يكثر جدًّا؛ فلا يتأتى التطبيق في الطبع بالحروف.
فإن قيل: يترك في المطبوع في مواضع الاشتباه بياض، أو يطبع كما اتفق وينبه في الحاشية على الواقع ويشرح فيه بالعبارة الصورة التي وقعت في الأصل حتى كأنها مشاهدة؛ فيدفعه أنه قد يكثر في النسخة الاشتباه، فتكثر هذه الحواشي، وتزيد نفقات الطبع؛ على أن بعض الكلمات المشتبهة تحتاج في شرح صورتها بالعبارة إلى أسطر، وقد يقع الاشتباه على وجه لا يمكن بيانه بالعبارة.
وإن قيل: أما هذه المواضع، فيبحث فيها عن الصواب، وتثبت في المطبوع على الصواب؛ فقد رجعتم إلى التصحيح العلمي. والغالب أن ملتزم الطبع الذي عزم على طبع الكتاب بمجرد التطبيق على الأصل إنما يَكِل العمل إلى من تقلُّ أجرته، والغالب أنه لا يكون أهلًا [ص ٣٢] للتصحيح العلمي فيخبط خبط عشواء. فإن كان أهلًا للتصحيح، فلماذا لا يكلَّف التصحيحَ الكاملَ، فتتم الفائدة، وتحسن سمعة المطبعة، ويوفى بحق العلم؟
ومن المفاسد: أن من عادة المطبوعات التصحيح في الجملة، فالعالم إذا رأى المطبوع ظن أنه مصحح، فاعتمد عليه؛ ولا كذلك في النسخ القلمية.
فإن قيل: يكفي في دفع هذا أن ينبه في لوح المطبوع على أنه إنما اقتصر