فإنّ التصحيح بالمقابلة ينبغي أن لا يعتمد فيه إلا على عالم ممارس للتصحيح.
[ص ١٥] أمّا كونه عالمًا، فلأمور:
الأول: أن النسخ القلمية كثيرًا ما تكون غير منقوطة، ويكون خطها رديًّا أو مغلقًا، أو يشتبه فيه بعض الحروف ببعض؛ فالمقابل إذا لم يكن عنده أهلية تامة، فإنه يقلد الناسخ ويتبعه.
الثاني: أن النُسخ القلمية كثيرًا ما يكون فيها الضَّرب والتضبيب، وغير الماهر قد لا يفهم ذلك.
الثالث: أن النُّسخ القلمية كثيرًا ما يكون فيها الإلحاق والحواشي، وغير الماهر ربّما وضع الإلحاق في غير موضعه، [ص ١٦] وربّما اشتبه عليه الإلحاق بالحواشي، فيجعل الحواشي إلحاقًا، وعكسه، وهذا موجود بكثرة.
الرابع: أن الناسخ إذا كان شِبْهَ عارفٍ، فكثيرًا ما يتصرف بمعرفته، فيُحرِّف ويصحف، ويبدِّل ويغيِّر؛ كما وقع في نسخة كتاب (الاعتصام) للشاطبي، ونبَّه عليه مصحّحه السيد محمد رشيد رضا. فإذا كان المقابل غير أهل قلَّد الناسخ.
الخامس: أنّ غير المتأهل لا يكون عنده غالبًا ما يحمله على شدَّة التَّحرِّي.
[ص ١٧] السادس: أنَّ النِّساخة كثيرًا ما يكون بالإملاء، يمسك شخصٌ الأصل ويُمْلي على الناسخ، فينسخ هذا بحسب ما يسمع، وكثيرًا ما تتشابه الكلمات لفظًا وتختلف خطًّا، مثل: علا وعلى، وحاذر وحازر عند مَن يَنطِق