للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التطهُّر فهو الإنسان كما لا يخفى.

ويأتي وصفَ مبالغة بمعنى: بالغ الطهر. وعلى هذا يُحمل قوله تعالى: {مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨]، وقوله: {شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١]. وبذلك صحَّ كونه نعتًا كما هو الظاهر المتبادر. فأما على الوجه الأول فلا يصح النعت به لأنه اسم لا وصف.

وعليه يُحمل أيضًا هذا الحديث. وبذلك يصح أن يكون «ماؤه» فاعلًا كما هو الظاهر. وهذا الوجه واضح المناسبة جدًّا في الحديث الآتي.

فأما ما قيل من أن الطهارة لا تقبل التفاوت [ص ٤] فقد أجيب بأن التفاوت ثابت من جهة أن الماء مع طهارته مطهِّرٌ بخلاف المائعات الأخرى. وقد يقرَّر هذا بأن صلاحيته للتطهير دونها تدل على أن طهارته أقوى، فعُقِل التفاوت. وقد يوجَّه أيضًا بأنه لا ينجَس بمجرد الملاقاة بخلافها، فدل ذلك على أن طهارته أقوى.

* ص ٢٦ سطر ١٦ قال: «والذي تقتضيه قواعد العربية ... لأن «ثم» تفيد ما تفيده الواو العاطفة في أنها للجمع ... فالجميع واهمون ... ».

أقول: بل الواهم غيرهم، فإنهم لم يقولوا إنه على رواية الرفع تكون «ثم» عاطفةً لقوله: «يغتسل» على «يبول» في قوله: «لا يبولن». ولو قاله قائل لكان مخطئًا كما لا يخفى. وإنما بنوا على أن «ثم» استئنافية كالواو الاستئنافية، راجع «مغني ابن هشام» وحواشيه (١). وقد عُلم أن واو الاستئناف لا تقتضي مشاركة ما بعدها لِما قبلها في الحكم، فكذلك «ثم». وقد نظَّر القرطبي هذا


(١) انظر: «حاشية الدسوقي على المغني» (١/ ١٧٤).