للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهبه (١) لكل من وقع منه إيمان وعملٌ للصالحات.

وعُلِمَ بذلك ــ مع ما تقدم ــ أنّ كل من وقع منه إيمان وعمل صالح فهو ممّن علم الله عز وجل أنه ثابت على ذلك، حتى لو فُرض [أنه] وقع منه شيءٌ من المخالفات، فهو صادر عن تأويل أو سهوٍ أو خطأ، وتَعقُبُه التوبة النصوح. وبالإجمال، قد غفره الله عز وجل، فلا يخلّ بالثبات المفهوم ممّا تقدم.

على أنه يمكن أن تكون (مِنْ) تبعيضيّة، ولا يَرِدُ شيء مما تقدم. وذلك بأن يقال: كونها تبعيضية لا يستلزم التبعيض، بل جيء بها لتحقيق انتفاء التبعيض، من باب نفي الشيء بإثباته، وهو باب معروف في العربية، منه ما يسمُّونه: تأكيد المدح بما يشبه الذم، كقوله:

ولا عيب فيهم ... البيت (٢).

فإن ظاهره إثبات العيب، ولكنّ هذا الإثبات جُعِلَ وسيلة إلى تحقيق النفي.

ومنه قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، على جَعْل الكاف أصليَّة. ظاهره إثبات المِثل، والمقصود تحقيق نفيه، كما هو موضَّح في محلِّه.


(١) غير محررة فلعلها ما أثبت، وتحتمل: «كفله»، وكان الشيخ كتب أولًا: «جعله»، ثم ضرب عليها.
(٢) هو للنابغة الذبياني في «ديوانه» (٤٤) وتمامه:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنَّ فلول من قراع الكتائب