للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه التعليق بالمُحال، كقوله تعالى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: ٤٠]. فظاهره إثبات دخولهم، والمقصود تأكيد نفيه وكقوله: ... (١).

فيقال هنا: إنّ (مِنْ) إذا جُعِلت للتبعيض كان ظاهرها أن منهم من لم يؤمن ولم يعمل الصالحات، ولكنّ الثابت بالسياق انتفاء ذلك، فعُلم أن المراد بهذا الإثبات تحقيق النفي، وتبكيت مَن يزعم أنّ مِن أولئك مَن لا يدخل الجنة.

ومثاله: أن يثبت عند السلطان اشتراك جماعة في الجهاد، فيريد الإنعام عليهم، فيقوم بعض بطانة السوء يطعن في بعضهم ليحرمهم الملك، فيقول الملك: سأُنْعِم على من جاهد منهم ــ وقد علم أن جميعهم جاهدوا ــ. وإنما ملخَّص المعنى: أنه لن يحرم منهم أحدًا، اللهم إلا إن كان فيهم من لم يجاهد، وقد عُلِم أنه ليس فيهم من لم يجاهد، فعُلِم أنه لن يحرم منهم أحدًا البتة.

ومثل هذا يمكن أن يقال في الآية الأولى (٢). والله أعلم (٣).


(١) بياض في الأصل مقدار أربع كلمات.
(٢) أي في آية المائدة السابقة: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣)}.
(٣) مجموع [٤٧١٨].