للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحائض، وهو شذوذ، وذهب كثير منهم إلى وقوعه مع منع جوازه، واحتج له بعضهم بحديث محمود بن لبيد قال: «أُخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ » الحديث. أخرجه النسائي (١) ورجاله ثقات، لكن محمود بن لبيد ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولم يثبت له منه سماع، وإن ذكره بعضهم في الصحابة فلأجل الرؤية، وقد ترجم له أحمد في «مسنده» (٢) وأخرج له عدة أحاديث ليس فيها شيء صرح فيه بالسماع، وقد قال النسائي بعد تخريجه: لا أعلم أحدًا رواه غير مخرمة بن بكير يعني ابن الأشج عن أبيه. اهـ. ورواية مخرمة عن أبيه عند مسلم في عدة أحاديث، وقد قيل: إنه لم يسمع من أبيه، وعلى تقدير صحة حديث محمود فليس فيه بيان أنه هل أمضى عليه الثلاث مع إنكاره عليه إيقاعَها مجموعة أو لا؟ فأقل أحواله أن يدل على تحريم ذلك وإن لزم. وقد تقدم في الكلام على حديث ابن عمر في طلاق الحائض أنه قال لمن طلق ثلاثًا مجموعة: «عصيت ربك، وبانت منك امرأتك». وله ألفاظ أخرى نحو هذه عند عبد الرزاق (٣) وغيره. وأخرج أبو داود (٤) بسند صحيح من طريق مجاهد قال: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثًا، فسكت حتى ظننت أنه سيردُّها إليه فقال: «ينطلق أحدكم فيركب الأحموقة ثم يقول: يا ابن عباس [يا ابن عباس]، إن الله قال: {وَمَنْ


(١) (٣٤٠١)، وفي «الكبرى» (٥٥٦٤).
(٢) (٣٩/ ٣٠ - ٤٤) وأخرج له (١٨) حديثا.
(٣) برقم (١٠٩٦٤، ١١٣٤٤). وأخرجه ابن أبي شيبة (١٨٠٩١) ط. دار القبلة.
(٤) برقم (٢١٩٧).