للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}، وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجًا، عصيتَ ربك وبانتْ منك امرأتك».

وأخرج أبو داود له متابعات عن ابن عباس نحوه.

ومن القائلين بالتحريم واللزوم من قال: إذا طلق ثلاثًا مجموعة وقعت واحدة، وهو قول محمد بن إسحاق صاحب المغازي، واحتج بما رواه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فسأله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كيف طلقتها؟ » قال: ثلاثًا في مجلس واحد، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنما تلك واحدة، فارتجعها إن شئت»، فارتجعها. وأخرجه أحمد وأبو يعلى (١) وصححه من طريق محمد بن إسحاق. وهذا الحديث نص في المسألة لا يقبل التأويل الذي في غيره من الروايات الآتي ذكرها. وقد أجابوا عنه بأربعة أشياء:

أحدها: أن محمد بن إسحاق وشيخه مختلف فيهما، وأجيب بأنهم احتجوا في عدة من الأحكام بمثل هذا الإسناد كحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ردّ على أبي العاص بن الربيع زينبَ ابنتَه بالنكاح الأول. وليس كل مختلف فيه مردودًا.

الثاني: معارضته بفتوى ابن عباس بوقوع الثلاث كما تقدم من رواية مجاهد وغيره؛ فلا يُظنُّ بابن عباس أنه كان عنده هذا الحكم عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم يفتي بخلافه إلا بمرجِّح ظهر له، وراوي الخبر أَخبرُ مِن غيره بما روى. وأجيب أن الاعتبار برواية الراوي لا برأيه لما يطرق رأيه من احتمال النسيان وغير ذلك،


(١) «مسند أحمد» (٢٣٨٧) و «مسند أبي يعلى» (٢٥٠٠).