بإتلاف المرق، وهو مال، ثم قال:«فإن قيل: لم يُنقل أنهم حملوا اللَّحم إلى المغنم، قيل: ولم يُنقل أَنهم أَحرقوه أو أَتلفوه».
ولا يخفى ما في هذا من الركاكة؛ لأن الحديث نص في أنه كفأه إلى الأرض، ولم يُنقل ما صنع به بعد ذلك، فكان الظاهر أنه تُرك لتأكله الطير والسباع؛ لأن ذلك هو المعقول من حيث العادة، فلذلك تُرك نقله. ولا يلزم من الحكم بالإتلاف الحكمُ بإحراقه لأن تركه للسباع والطير يحصل به الإتلاف على الناس مع مصلحة إطعام الوحش والطير.
وقد جاء أمره بإكفاء القدور التي فيها لحوم الحمر، ولم يجئ أنه أُحرق وأُتلف.
وأما قوله:«فيجب تأْويله على وفق القواعد»، فإنه ليس هنا قاعدة شرعية يجب التأويل لأجلها، والقواعد المذهبية تابعة لا متبوعة. على أن حديث أبي داود قد نص على حرمة النهبة كحرمة الميتة.
ثم قال الحافظ بعد كلام (١): «وقال الإسماعيليُّ: أَمْره - صلى الله عليه وآله وسلم - بإكفاء القدور يجوز أن يكون مِن أجل أَنَّ ذَبْح من لا يملك الشَّيء كُلَّه لا يكون مُذَكِّيًا، ويجوز أن يكون من أَجْل أنهم تَعَجَّلُوا ... ثم رَجَّح الثَّاني وزَيَّف الأَوَّل بأنه لو كان لذلك لم يَحِلَّ أَكل البعير النَّادّ .... وقد جَنَحَ البخاريّ إلى المعنى الأَوَّل وترجمَ عليه كما سيأْتي في أواخر أبواب الأضاحِيّ، ويمكن الجواب ... بأَن يكون الرَّامي رمى بحضرة النَّبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - والجماعة، فأقرُّوه، فَدَلَّ سكوتهم على رضاهم ... ».