جملةً فإن الحركة تتوقَّف. فالذي عنده ثياب ويريد القوت، لا يتيسَّر له ذلك؛ لأن بائع الأطعمة قد لا يرغب في الثياب التي عنده، وإنما يريد نوعا آخر، أو لا يرغب في الثياب جملةً، وإنما يريد شيئًا من الآلات، أو يريد أن يستخدم من يعمل له، أو غير ذلك. وصاحب الثياب قد يجد آخر يرغب فيها ولكن يبذل له شيئًا من الجوهر مثلًا، أو غير ذلك مما لا يرغب فيه صاحب الطعام أيضًا.
ويموت صاحب الثياب جوعًا. بخلاف ما إذا كان النقد دائرًا في السوق؛ فإن صاحب الثياب يبيع به، لعلمه بأن صاحب الطعام طبعًا يقبله لأنه جامع الأغراض.
وأمَّا في معنى الربا، فلأن الأقوات جرت العادةُ باقتراضها، كما جرى العادة باقتراض النقد. والبرّ مع الذرة مثلًا كالذهب مع الفضَّة، يجمعهما القوتيَّة كما جمعت ذينك النقدية. فإذا اقترض الإنسانُ أحدَهما على أن يردَّ الآخر فكأنه اقترض صنفًا واحدًا على أن يردَّه بزيادة. وإذا جعل بدل صورة القرض صورة البيع فالمعنى باق.
فأما الثياب مثلًا، فحاجة الناس إليها دون حاجتهم إلى القوت، ولم تجرِ العادة باحتكارها جريانَها باحتكار القوت والنقد، ولا جرت العادة باقتراضها جريانَها فيهما (١).