فضةٌ ويريد استبدالها بفضَّة؛ فإن الضرورة في ذلك تقلُّ فتَقْوى تهمة قصد الاحتكار.
وأما بيع الذهب بالفضَّة نسيئةً فهو مظنَّة الربا؛ إذ قد يكون إنسان محتاجًا إلى مائة دينار مثلًا، ويريد أن يتحصَّل عليها من صاحبه، ولكنه يعلم أنه إن قال له: أقرِضْني، لم يُقرضه لأنه يطلب الربح. ولو شرط له أن يزيده في القضاء كان ذلك ربا، فيحتال بأن يشتري منه مائة دينار بألف وخمسمائة درهم إلى أجل مع أن صرف الدينار حينئذ ثلاثة عشر درهمًا مثلًا، وإنما زاده ليرضى بذلك.
فالحاصل أن مقصوده الاقتراض، وإنما جعل الصورة بيعًا ليسلم من الربا في زعمه. فهذا في المعنى من اقترض من صاحبه مائة دينار وشَرَط له أن يقضيه مائة دينار ومائتي درهم، وهذا هو الربا.
فالمقصود أنَّ الذهب والفضة متقاربان؛ لأنه تجمعهما النقديَّة، فإذا اقترض الإنسانُ أحدَهما على أن يردَّ الآخر، فكأنه اقترض أحدَهما على أن يردّ من جنسه مع زيادة. وإذا جعل بدل صورة القرض صورة البيع، فالمعنى باق.
ومثل الذهب والفضة: البرُّ والتمر، وبقيَّة المقتاتات، وما لا بدَّ لها منه كالملح.
أما في معنى الاحتكار، فلأن احتكار كلٍّ منها شديد الإضرار بالناس. أما احتكار القوت وما لا بدَّ منه فظاهر. وأمَّا احتكار النقد فلأنَّه الوسيلة إلى نيل الأقوات وغيرها. ويتبيَّن هذا بما إذا فرضنا أن النقد ارتفع من السوق