للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما بيع الذهب بالذهب متماثلًا نسيئة، فلأنه في معنى بيع الذهب بالذهب متفاضلًا نقدًا لأن الأجل في معنى الفضل.

فقد تكون قطعة من الذهب تزن أوقية وقيمتها خمسون درهمًا، وقطعة من ذهب آخر تزن أوقيةً أيضا (١) وقيمتها أربعون درهمًا، ولكن صاحب القطعة الممتازة يرضى ببيعها بالقطعة الأخرى إلى سنة، لِمَا يستفيده من الأجل. وبذلك لا يتحقق أنه كان مضطرًّا إلى البيع.

وفيه أيضًا الدخول في ربا القِران؛ إذ قد يكون إنسان محتاجًا إلى النقد ويعلم أنَّ عند صاحبه ذهبًا، فيقول: لو أَتَيته أستقرضه لم يقرضني، ولو شرطت له أن أزيده في القضاء كان ذلك ربا، فالحيلة أن أشتري منه مائة دينار من ذهبه بمائة دينار من ذهب أجود مع أنَّ الوزن واحد، وأؤجِّله إلى الأجل الذي أحتاج أن أقترض إليه. وهو طبعًا يرضى لزيادة الذهب الذي بعتُه منه في الجودة.

والحاصل أن مقصود هذا الرجل الاقتراض، وإنما جعل الصورة بيعًا ليسلم من الربا في زعمه. فهذا في المعنى اقترض من صاحبه مائة دينار وشَرَط له أن يقضيه مائة دينار أجود منها، وهذا هو الربا.

وأما بيع الذهب بالفضة متفاضلًا حالًّا فكأنه أجيز ــ والله أعلم ــ لأن الضرورة كثيرًا ما تدعو من عنده فضَّة أن يستبدلها بذهب وبالعكس، فتقلُّ تهمة قصد الاحتكار، بخلاف من كان عنده ذهب ويريد استبداله بذهبٍ، أو


(١) في الأصل: «أيضا تزن أوقيةً أيضًا».