للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقريب من الأبكم: الناطق الذي يحاول تفهيم مَنْ لا يعرف لسانه. بل إن الناطق الذي يريد تفهيم مَنْ يعرف لسانه كثيرًا ما يستغني بالإشارة والأصوات الطبعية والحكاية.

وإذن فقد كان الناس قبل الكلام يتفاهمون بذلك. والمنطق يدلّ أنّ أقرب ما يمكن أن تَولَّد منه أداة الشيء هو أداة أخرى لذلك الشيء كانت قبلها.

وإذن فاللغة مولَّدة من الإشارة والحكاية.

التحليل

الإشارة بالأعضاء هي عبارة عن تحريك بعض الأعضاء حركةً مخصوصةً، وقد يكون غير الأعضاء كعُودٍ باليد، ولكن مبنى الإشارة على الأعضاء كما لا يخفى.

من الأعضاء: أعضاء الفم من الشفتين واللسان وغيرها.

الإشارة بأعضاء الفم قد تكون بالتحريك الظاهر كإبراز اللسان، وقد تكون بتحريك لا يظهر للبصر، وإنّما يُستدلّ عليه بصوتٍ كدلالة «هع» على تحريك بعض أعضاء الحلق حركةً مخصوصةً للدلالة على القيء.

قد يقال: الأَولى أن يُجعل نفس الصوت ــ «هع» مثلاً ــ هو الدالّ على المعنى ــ وهو القيء هنا ــ مع قطع النظر عن تحريك أجزاء الحلق، فيكون هذا من الحكاية لا من الإشارة العضوية. وهذا ــ وإن صحّ في المثال ــ لا يصحّ في نحو (بَلَع) كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى.