ولكنّنا مع هذا لا نخلي الآية والصلاة من البحث. فأقول: إنَّ نصَّ الآية: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}. و (يصلون) بصيغة المضارع، وصيغةُ المضارع من حيث هي لا تفيد دوامًا ولا استمرارًا، كما عليه المحققون، وأدلته غنية عن البيان.
ولكن قد تفيد ذلك بمعونة القرائن. والقرائن هاهنا إنّما تفيد نحو ما يفيده قولك: إنّ زيدًا يزورنا. أي أنّ ذلك في حكم العادة له، بحيث لا يقطعها مدة طويلة تُعَدّ في العرف قطعًا للعادة.
ومنه قوله تعالى:{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ليس المعنى أنّهم لا يفترون عن الإنفاق طرفة عين، كما لا يخفى، وإنّما المعنى أنّ الإنفاق عادة لهم.
ثم قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
وقد تقرّر أنّ صلاتنا عليه هي الدعاء له بالصلاة، ولا يلزم من ذلك تحصيل حاصل؛ لِما تقدم أنّ أوّل الآية لا يدل على استمرار الصلاة منه عز وجل بحيث تستحيل الزيادة.
وأمّا الصلاة الإبراهيمية الواردة في الحديث ففيها مباحث:
الأول: أنّ فيها ذكر الآل، وليس في الآية، فدلّ أنّ ذكر الآل عَلِمه - صلى الله عليه وآله وسلم - من دليلٍ آخر.