للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كانت تعليلية، فلا محلّ للاستشكال، وكأنّنا نقول: اللهم إنّك قد صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، ولأجل ذلك نطلب منك أن تصلِّي على محمد وعلى آل محمد، لأنّ كلًّا منهما نبيّك وخليلك.

والكاف كثيرًا ما تجيء للتعليل، ولاسيَّما مع (ما) كما حقّقه ابن هشام في "المغني" (١)، فراجعْه إن أردت.

ومنه في القرآن قوله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ (٢) كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: ١١٠].

ومثال هذا قولك للملك: كما ولَّيتَ فلانًا فولِّني، وكما أنعمت عليه فأَنعِمْ عليّ؛ فإن علّة التولية والإنعام، وهي الاستحقاق الموجود فيه، موجود فيَّ أيضًا.

وإن كانت تشبيهية، وهو المشهور، فيحتمل أن يكون المراد التشبيه في مُطلق الصلاة، لا في صفتها ومقدارها، مثل قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} [المزمل: ١٥]. وقوله عز وجل: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: ١٦٣].

وفائدة هذا التشبيه ذكر نظير يعتبر به. ومنه قولك للمَلِك: أنفِق الأموال كما كان أبوك يُنفقها. وتقول للحاكم: لا ترتشِ كما كان فلان يرتش.


(١) (١/ ١٩٢).
(٢) في الأصل: (وأهوائهم) سهو.