وقد بينّا في مبحث التفضيل بين الأنبياء أنّه يجب على الأمة التأدب بأدبه - صلى الله عليه وآله وسلم - في حقّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
فإذا تأدب - صلى الله عليه وآله وسلم - في حق أحد من الأنبياء لزم الأمة أن لا تخل بذلك التأدّب. كما لو أنّ عالمًا تأدب مع عالم آخر، فلم يقل: إنّه أعلم منه= لزم أولاده وتلامذته أن يتأدبوا مع ذلك العالم، فلا يقولوا: إنّ أباهم أو شيخهم أعلم منه؛ لأنَّ فعلهم منسوب إليه.
فأمّا ما ذكره السنْدي: أنّ وجه الشبه هو كون صلاة كلٍّ أفضلَ من صلاة من تقدم؛ فلا يخفى تكلُّفه وخروجه عن الظاهر.
والناس لا يفهمون من قولك للملك:(أعطني كما أعطيت فلانًا) إلا أحد الأوجه التي قدّمناها. فأمّا أن يُفهم منه أنّك أردت التشبيه بعطاء ذلك الرجل من حيث أن عطيَّته كانت أكثر ممن تقدمه، فيلزم من ذلك أن يكون مطلوبك أكثر من عطية ذلك الرجل= فلا.
وإذا أردت منهم أن يفهموا هذا فقد كلّفتهم الغلط في الفهم! وهذا من الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - محال. فلا يكون من الله عز وجل أن يكلم العباد بكلامٍ مكلِّفًا لهم أن يفهموه على خلاف ظاهره. وهكذا كلام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وأمّا ما وقع في الكتاب والسنة من المجاز ونحوه فإنّه تُنصب معه قرينة تدلّ على المراد دلالةً بيِّنة. وإذا قالوا فيه: خلاف الظاهر؛ فإنّما المراد أنّه خلاف الظاهر لولا تلك القرينة.
فأمّا ما ذكره السنْدي من عنديَّاته بقوله:"وقد يجاب بأن التشبيه باشتراك الآل"؛ فكلامٌ يُستحيى من ذكره!