للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاتفق أننا وصلنا إلى جُند في الطريق ففتّشوا الوزير فإذا معه مسدس وفيه فَشْكة (١) قريبة العهد بالضرب، فنسبوا إليه تلك الرمية، فأُمسك فاعترف، ثم جاء الملك فدنا من الوزير يوبخه، فأخذ بلحية الملك قائلًا له ما معناه: لابد من عزلك، فإنه لم يتملَّك علينا أحدٌ قبلك غير واحد.

فتبيَّن أن هناك مؤامرة على خلع الملك، ولكن كأنّ صاحبي الأمير لم يكن موافقًا على ذلك فأرادوا قتله أَوَّلًا، أو كان الوزير أراد بتلك الرمية إصابة الملك، الله أعلم.

ثم ساروا قليلاً وأنا معهم فعلموا أن هناك قومًا راصدين لهم كأنهم من الثائرين، فقدّمني أصحابي أمامهم، وإذا ناسٌ مجتمعون فأتيتهم وإذا هم يشكون من الملك، وإذا أمامهم شخص كأنه مجروح يقولون إنه امرأةٌ كأنه جرحها زوجها، فاستخبروها وأنا حاضر وأخذتْ تشكو زوجها وأنه ...... (٢)، وإذا ليس هناك جرح يُعتدَّ به ولكن كأنهم جعلوها حيلة ليستوقفوا الملك إذا جاء فيغدروا به، فرأى الملك وصاحبي الأمير من بعيد وفهموا فغيَّروا صورتهم، وجعل الملك بفِيهِ مزمارًا يزمر به، وأخذ صاحبي ما يناسب ذلك، ليوهما أنهما من الزمّارين الذين يتكسّبون فمرَّا ومررت معهما.

ولكن بعد المرور شعر ذلك القوم بالحيلة فأتبعونا ونحن نسرع، ثم لم أشعر إلا بأحد الرَّجُلَين ــ الغالب


(١) فَشْكة: كلمة معرَّبة عن التركية بمعنى خرطوشة ولفيفة بارود. انظر: "تكملة المعاجم العربية" لدوزي: (٢/ ٧٦).
(٢) هكذا في الأصل.