على ظَني أنه صاحبي الأمير ــ قد وجد فرسًا فركبه وركضه فارًّا، والآخر لا أدري وجد مركوبًا أم كيف ذلك إلا أنه فرَّ، وبقيت أنا وآخر معي وقع في ذهني أنه الشيخ سعيد بن علي بن مصلح الرِّيمي، ففرَرْنا فأتينا على طرف جبل كأنه لا طريق فيه فرجعنا إلى جهة أخرى رأينا فيها طريقًا، فوقعنا في أيدي القوم فكأنهم قاتلونا فأخرجوا عَيْنَ رفيقي وفصلوها ثم رموا بها إليه، وأزال ما كان مع الشحمة من جلدة ونحوها ثم أعادها في محلّها، يقول لهم: إنها رجعت كما كانت! ثم فررنا منهم، فأخذت أدعو الله عز وجل أن يعيد لرفيقي عينه صحيحةً، ولما رأيناهم يتبعوننا اخترت أن نعدل عن الطريق حتى يمرّوا فيها فمرَّ أكثرهم ولكن رفيقي لم يستتر تمامًا بل نزل في بركة ماء، ففطن لنا رجل فمرَّ إلينا فأخذت عودًا وغرزْته في بطنه فسقط للموت، ثم فررت مع صاحبي فأتينا على نهرٍ وناس يُخرجون منه شجرًا، فسألْنا، فقيل لنا: كلُّ مَنْ وصل هنا يكون أسيرًا لا يستطيعون الخروج من هنا، ولكن الملك (يعنون ملك تلك الجهة) قال للأسراء يخرجون شجرًا من النهر: هناك شجرة مجهولة عند الأسراء، فمن اتَّفق أنه أخرجها أُمر بإطلاقه، فقلت أنا وصاحبي ونحن أسيران: فلنجرِّبْ حظّنا، فأوَّل ما نزلت أخرجت شيئًا من الشجر، فلما صعدتُ بها ألقيتها وإذا ببنت الملك مارَّة، فلما ألقيت الشجر التي صعدت بها من النهر رمت هي بشجرة كانت معها طرحتْها بسرعة فوق الشجرة التي صعدت بها قائلة: نعم، ها هي الشجرة المطلوبة قد أصعدها هذا الرجل، تعنيني، فعرفت أن تلك الشجرة هي التي كانت