للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحيي ويميت وهو الذي يخلق ويرزق ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده إذا جعلتَ لها نصيبًا فنحن معك (١).

فالذي يظهر من هذه العبارة أنهم لم يفهموا من تلك الكلمات إلا ما أراده - صلى الله عليه وسلم - من الثناء على الملائكة, ولكنهم زعموا أن ذلك الثناء يدل على جواز اتِّخاذ الملائكة آلهة.

بقي أن يقال: الآثار المذكورة كلها تصرِّح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال تلك الكلمات عقب قراءته: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} , فكيف تحمل تلك الكلمات على أنها ثناء على الملائكة؟

فدونك الحقيقة الآن:

اعلم أنَّ شأن العرب كشأن قوم نوح وغيرهم جعلوا الأوثان تماثيل وتذكارات للأشخاص الغيبيَّة وسمَّوها بأسماء تلك الأشخاص على حسب ما مرّ في المقدمة الثانية، فلما زعموا أنَّ هناك إناثًا غيبيَّاتٍ هنَّ بنات [٣١٨] الله اختلقوا لها أسماء هي اللات والعُزَّى ومناة، اشتقُّوها من اسمه وصفاته كما تقدَّم، ثم أطلقوا على التذكار الذي جعلوه للَّات اسمَ اللَّات، وهكذا.

فَلِمُسمَّيات هذه الأسماء ثلاثة وجوه:

الأول: أن يُحكم عليها باعتبار أنها من الملائكة نظرًا إلى أنَّ المشركين إنما قصدوا وضع هذه الأسماء للملائكة وإن أخطؤوا في الصفات، وقد تقدَّمت الآيات الكثيرة في أنهم يعبدون الملائكة مع أنهم إنما كانوا يعبدونهم بصفة أنهم بنات الله.


(١) ١٧/ ١١٧. [المؤلف]