للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أن يُحكم عليها باعتبار أنها أشخاص متصفة بما يزعمه المشركون, فيُحكم عليها بالعدم؛ إذ ليس في الوجود بنات لله.

الثالث: أن يُحكم عليها باعتبار أنَّ الشياطين اعترضوا هذه الأسماء فسمَّوا بها إناثهم كما تقدَّم, فيُحكم عليها بأنها من الشياطين.

وهذا كما لو كان في قصر من القصور خادم للملك يتصرَّف في القصر بإذن الملك وفيها (١) حجَّام له بنت، فقيل لجماعة من الناس: إنَّ الشخص الذي يتصرَّف في هذه الدار هو بنت الملك، فسمُّوها وعظِّموها فقالوا: نسميها عزَّة، وأخذوا يبعثون التحف التي لا تصلح إلا للملوك إلى ذلك القصر قائلين: هذا لعَزَّة بنت الملك، فإذا قيل ذلك للخادم قال: ليست هذه التحف لي لأني لستُ أنثى، وليس الملِك أبي، وإنما أنا رجل من خَدمه ولا يصلُح أن أُسمَّى عَزَّة ولا تليق به (٢) هذه التحف وإنما كان علىهم أن يبعثوها إلى سيِّدي الملك فلست بقابل لتحفهم ولا ينبغي لي ذلك، فاعترض الحجَّام قائلًا: أنا أُسمي بنتي عَزَّة وآخذ هذه التحف، وألعب بهؤلاء الحمقى ومهما يكن يكن، ثم أخذ يتناول تلك التحف قائلًا: ليس في القصر أنثى يقال لها عزة غير ابنتي، وشمَّر في ترغيب الناس في الإتحاف.

إذا عرفت هذا فيصحُّ أن يقول مَن يعرف الحقيقة: أيها القوم إنَّ عَزَّة لَمقرَّبة عند الملك وإنها لتشفع عنده إذا أذن لها ولكنها ليست أنثى ولا بنت الملك ولا تستحقُّ تحف الملوك، وإنما هي رجل مِن خدم الملك مطيع له، فأطلق هذا الرجل الناصح عَزَّة على ذلك الخادم الذكر وأنَّث الضمائر أوَّلًا،


(١) كذا في الأصل, وسيعبر عن القصر بالدار بعد قليل.
(٢) كذا في الأصل, والضمير يعود على الخادم.