للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وستين كما في "التذكرة" ص (١١٤٢) عن ابن السمعاني، وبين ذلك ووفاة الخطيب أقل من سنتين، ولا أرى هذه المدة تتسع لتحصيل الأمير نسخةً من كتاب الخطيب ثم نظره فيه ثم تعقبه له، وتأليفه كتابًا في ذلك يحضر إلى الخطيب وهو في كمه، ثم لا داعي للأمير بعد وفاة الخطيب إلى أن يصرح بما تقدم لو كان يعلم أنّه خلاف الواقع، وفي وسعه أن يبهم الأمر.

وبعدُ فالخَطْب سهل، فإنّ الحكاية لم تُثبِت أنّ الأمير صنف، وإنّما ذكرت أنّه بلغ الخطيب أنّ ابن ماكولا أخذ عليه في كتابه وصنف في ذلك تصنيفًا، ولم تُبين من الذي بلّغ الخطيب ذلك. والمخلص من التعارض هو أنّ الأمير لما اطلع على كتاب الخطيب كان يعرض له الاعتراض بعد الاعتراض، ويهاب الخطيب، ولكنه يذكر ذلك لبعض من يثق به، وكأنه تكرر ذلك فتوهم بعض أولئك الذين كان يثق بهم أنّه قد شرع في تصنيف يتعقب فيه الخطيب، فنُمِي ذلك إلى الخطيب فجرى ما جرى، والأمير صادق فيما أجاب به الخطيب؛ لأنّه لم يكن قد بدا له أن يصنف تصنيفًا، وصادق فيما قاله في كتابيه.

أمّا ما يظهر من كلام الأمير من تأخر جمعه "التهذيب" عن تصنيفه "الإكمال" فقد يعارضه ما يوجد من الإحالة عليه في "الإكمال"، ويُوَفَّق إمّا بأن تكون تلك الإحالة متأخرة ألحقها الأمير في "الإكمال"، ولم تكن فيه عندما أتمّ تصنيفه أول مرَّة، وإمّا ــ وهو المتّجِه ــ بأنّ الأمير عزم أولا على تصنيف الكتابين، وبدأ بتصنيف "الإكمال" مهذبًا، وكان كلّما رأى وهمًا في تلك الكتب التي هذبها قيد ذاك الوهم في دفتر خاص، فلمّا أتمّ تصنيف "الإكمال" وتأكد عزمه على تصنيف "التهذيب" شرع في تصنيفه بعد أن