الحمد لله الذي لا تُحصى نِعمه ولا يتناهى جُوده وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد، فإن جمعيتنا العلمية «دائرة المعارف العثمانية» لما اعتزمت طبع الكتاب الجليل «التاريخ الكبير» للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى؛ ظَفِرتُ بالجزء الرابع منه في الخزانة الآصفية بحيدراباد الدكن، فسارعت إلى استنساخه، ثم بعد البحث والتنقيب عُلم بأنّ في بعض مكاتب إسلامبول نسخة من الكتاب، وفي المكتبة المصرية نسخة أخرى، فاستحْصَلَت الجمعيةُ على صور مأخوذة منهما، وعند المقابلة تبيَّن أن المصرية منقولة عن الإسلامبولية، ووُجِد في آخر المجلد الرابع من النسخة الآصفية زيادة مشتملة على الكنى لا توجد في الإسلامبولية، مع أن في آخر الإسلامبولية ما لفظه:«كَمُل جميع كتاب التاريخ الكبير ... ». وذلك صريح في أنّ أبواب الكنى المتصلة بآخر النسخة الآصفية كتاب مستقلّ عن «التاريخ».
ولكن الذي تبيَّن لنا بإمعان النظر أن هذا الجزء المشتمل على الكنى تأليف البخاريِّ قطعًا، وأنه إن لم يكن قطعةً من «التاريخ» فهو تتمّة له، فإن ابن أبي حاتم مع اقتفائه في ترتيب كتابه أَثَر البخاريّ في «التاريخ» غالبًا قال في أواخره: «باب ذِكْر مَن رُوي عنه العلم ممن عُرف بالكنى ولا يُسمى» ثم اقتفى في الترتيب أثر البخاري في هذا الجزء غالبًا، وربما سماه كقوله:«أبو المعلى بن رؤبة كذا قال البخاري في كتابه ... » وراجع رقم (٦٨٥) من هذا الجزء. ووجدنا ابنَ عبد البر في الكنى من «الاستيعاب» ربما نقل عن هذا