مذهب أبي الحسن الأشعري"، ثم حكى عن شيخه الذهبي أنه حكى ذلك ثم قال: "مذهب الخطيب في الصفات أنها تُمر كما جاءت صرّح بذلك في تصانيفه". ثم قال ابن السبكي: "قلت وهذا مذهب الأشعري فقد أُتي الذهبي من عدم معرفته بمذهب الشيخ أبي الحسن كما أُتي أقوام آخرون وللأشعري قول آخر بالتأويل".
أقول: لم يزد الذهبي على التنبيه على الصواب؛ لأن المشهور من مذهب الأشعري هو التأويل فخشي الذهبي أن يتبادر إلى ذهن السامع أن الخطيب كان يؤوّل، وابن السبكي شديد العقوق لأستاذه الذهبي. وقد نقل الذهبي في "التذكرة" من نصوص الخطيب ما هو صريح في أن مذهبه في العقائد هو مذهب السلف.
مصنفاته: قد تقدم قول ابن السمعاني: "صنف قريبًا من مائة مصنف"، وذكر غيره أعدادًا مختلفة وذكر الذهبي وابن الجوزي عدة منها لا نطيل بذكرها، وأشهرها وأكبرها "تاريخ بغداد" ومن أهمها كتاب "الكفاية".
كتاب الكفاية: قال الحافظ ابن حجر: "أول من صنف في ذلك ــ يعني اصطلاح الحديث ــ القاضي أبو محمد الرامهرمزي فعمل كتاب "المحدث الفاصل" لكنه لم يستوعب، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري لكنه لم يُهَذِّب ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجًا وأبقى أشياء للمتعقب، ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي فعمل في قوانين الرواية كتابًا سماه "الكفاية" وفي آدابها كتابًا سماه "الجامع لآداب الراوي والسامع" وقلَّ فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابًا مفردًا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل من أنصف عَلِم أن المحدثين بعد الخطيب