للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيا عجبًا ممن لا يعرف ربًّا كيف يقول: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}؟ رؤية الهداية من الربِّ تعالى غاية التوحيد ونهاية المعرفة، والواصل [٤١٨] إلى الغاية والنهاية كيف يكون في مدارج البداية؟ دع هذا كلَّه خلف قافٍ، وارجع بنا إلى ما هو شافٍ كافٍ، فإن الموافقة في العبارة على طريق الإلزام على الخصم من أبلغ الحجج وأوضح المناهج.

وعن هذا قال {لما رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ} [الأنعام: ٨٧]، لاعتقاد القوم أن الشمس ملك الفلك، وهو ربُّ الأرباب الذين (١) يقتبسون منه الأنوار، ويقبلون منه الآثار، {فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٧٨ - ٧٩]» (٢).

ومما قاله البحَّاثون عن آثار بابل أنه يُعلَم منها أنهم كانوا يعترفون بوجود الله عزَّ وجلَّ، واسمه عندهم (إل)، وأن كلَّ ما سواه من روحانيِّين وكواكب وغيرها فهم خلقه وعبيده، ثم يؤلِّهون زُحَلًا (٣) والمشتري والمرِّيخ والزهرة وعطارد. وعندهم أن لزُحَل صورة ثورٍ برأس إنسانٍ وجناحي طائرٍ، وللمرِّيخ صورة أسدٍ برأس إنسانٍ وجناحي طائرٍ، وهكذا، ثم يمثِّلون لها تماثيل بتلك الصور التي تخيَّلوها ويعبدون تلك التماثيل. [٤١٩]


(١) كذا في الأصل والطبعة التي نقل عنها المؤلِّف، وفي الملل والنحل - بتحقيق محمَّد سيِّد كيلاني - ٢/ ٥٣: (الذي).
(٢) الملل والنحل ٢/ ١٤٦ - ١٥١. [المؤلف]
(٣) كذا في الأصل.