للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد مرَّ في أثناء الرسالة ما يتعلَّق بما ذكرناه (١)، منه كلام ابن جريرٍ على آية {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢]، قال: «وأحسب أن الذي دعا مجاهدًا إلى هذا التأويل، وإضافة ذلك إلى أنه خطابٌ لأهل التوراة والإنجيل دون غيرهم، الظنُّ منه بالعرب أنها لم تكن تعلم أن الله خالقها ورازقها بجحودها وحدانيَّة ربِّها وإشراكها معه في العبادة غيره، وإن ذلك لقولٌ؛ ولكن الله جلَّ ثناؤه قد أخبر في كتابه أنها كانت تقرُّ بوحدانيَّته غير أنها كانت تشرك في عبادته ما كانت تشرك فيها، فقال جلَّ ثناؤه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ [٤٧٠] لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: ٨٧]، وقال: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: ٣١]، فالذي هو أولى بتأويل قوله: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} إذ كان ما كان عند العرب من العلم بوحدانيَّة الله عزَّ وجلَّ، وأنه مبتدع الخلق وخالقهم ورازقهم نظيرَ الذي كان من ذلك عند أهل الكتابين ... » (٢).

ونسبة ابن جريرٍ هذه الغفلة إلى مجاهدٍ مع جلالة مجاهد تهوِّن عليك نسبة مثل هذه الغفلة إلى غيره، حتى إنه قد يقع فيها ابن جريرٍ نفسه في بعض المواضع.

وفي تفسير ابن جريرٍ عند قول الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦]، قال ابن جريرٍ: « ... عن ابن عبَّاسٍ {وَمَا


(١) انظر: ص ٦٨٠ مثلًا.
(٢) تفسير ابن جريرٍ ١/ ١٢٦. [المؤلف]