للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٢٨]، فالمراد بالفحشاء ــ كما قال ابن جريرٍ ــ: قبائح الأفعال ومساويها. وذكر أن المراد [٤٨٠ و] بالفاحشة أنهم كانوا يطوفون بالبيت وهم عراةٌ. ونَقَل ذلك عن ابن عبَّاسٍ ومجاهدٍ وسعيد بن جُبَيرٍ والشعبيِّ، ولم يذكر قولًا غيره (١).

أقول: واحترام الجمادات ليس من قبائح الأفعال ومساويها، وإنما كان تعظيم الأصنام من قبائح الأفعال ومساويها لأنه عبادةٌ لغير الله عزَّ وجلَّ، فلو أنزل الله عزَّ وجلَّ به سلطانًا لزال هذا المعنى، وبزواله يزول القبح.

وقولهم: {وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} لم يكونوا يقولون ذلك في عبادة الأصنام وغيرها من آلهتهم. ولو قالوا ذلك لم يسمُّوها آلهةً، ولا سَمَّوا تعظيمها عبادةً، كما لم يسمُّوا الكعبة والحجر الأسود ــ على ما مرَّ (٢) ــ، وإنما كان مستندهم في الشرك اتِّباع آبائهم، قال تعالى: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: ٢١ - ٢٣].

ومما يوافق ما تقدَّم أيضًا ما مرَّ في الكلام على آيات النجم عن الشهرستانيِّ (٣)، وفيه: «فنعلم قطعًا أن عاقلًا مَّا لا ينحت خشبًا صورةً ثم


(١) انظر: تفسير ابن جريرٍ ٨/ ١٠٤ - ١٠٥. [المؤلف]
(٢) في ص ٧٣٥.
(٣) ص ٢٨٧. [المؤلف]. وهو في أواخر الدفتر الثالث الذي لم أعثر عليه بعد.