يعتقد أنه إلهه وخالقه وخالق الكلِّ ... , ولكنَّ القوم لما عكفوا على التوجُّه إليها وربطوا حوائجهم بها من غير إذنٍ وحجَّةٍ وبرهانٍ وسلطانٍ من الله تعالى كان عكوفهم ذلك عبادةً ... ».
ومما يدلُّ عليه ــ زيادةً على ما مرَّ ــ قولُ الله تبارك وتعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ ... وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٣٣]، [٤٨٠ ز] فقيَّد الإشراك المحرَّم بأن يكون لما لم ينزل به ــ أي: بإشراكه ــ سلطانًا، فيُفْهَم منه أن إشراك ما نزَّل به سلطانًا ليس بمحرَّم. وفيه احتمالان:
الأوَّل: أن يُقال: إنما سمَّاه إشراكًا بالنظر إلى الحال الراهنة للمشركين في تعظيمهم ما لم ينزل الله عزَّ وجلَّ بتعظيمه سلطانًا، فلا ينافي أنه لو أنزل به سلطانًا لا يبقى حينئذٍ إشراكًا.
الثاني: أن يُقال: ليس المراد بالإشراك هاهنا الشرك الذي هو منافٍ للإيمان، وإنما المراد: أن تجعلوا نصيبًا من الطاعة والخضوع اللَّذَين يُطْلَبُ بهما النفع الغيبيُّ، وعلى هذا فالقيد على ظاهره، أي ذلك الجَعْلُ إنما يكون محرَّمًا بذلك القيد.
ولعلَّ هذا أولى من أن يُقال: إن القيد لا مفهوم له؛ لأن الإشراك لا يكون إلَّا حيث لم ينزل الله تعالى به سلطانًا، والله أعلم.
وإيضاح الاحتمال الثاني: أن طاعة الرسول والخضوع له حقٌّ، مع أنها بالنظر إلى الظاهر كأنها تشريكٌ له مع الله عزَّ وجلَّ، وكذلك احترام الكعبة والحجر الأسود فيها بحسب الظاهر خضوعٌ لغير الله عزَّ وجلَّ، وعلى هذا