أقول: رواه الحاكم عن عبيد الله بن محمد القطيعي، عن أبي إسماعيل الترمذي، عن عبد العزيز الأويسي، عن سليمان بن بلال، عن عبد الأعلى، عن قطن بن وهب، عن عبيد بن عمير، عن أبي هريرة.
وليس فيهم مَن يُنْظَرُ فيه إلا عبد الأعلى، ومع ذلك فقد قال ابن معين: أولاد عبد الله بن أبي فروة كلهم ثقات إلَّا إسحاق، وذكره ابن حبان في الثقات. فأما ذكرُ ابن حبان في الثقات فلا ينافي الجهالة، وأمَّا قول ابن معين فلا يزيل الشبهة؛ لاحتمال أن يكون لم يستحضر عبد الأعلى عند إطلاقه تلك الكلمة العامَّة.
ثمَّ رأيتُ الحاكم أخرج في المغازي من طريق العطّاف بن خالد، عن عبد الأعلى هذا، عن أبيه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم زار قبور الشهداء بأحد فقال:«اللهم إنَّ عبدك ونبيَّك يشهد أنَّ هؤلاء شهداء، وأَّنه مَنْ زارهم وسلَّم عليهم إلى يوم القيامة ردّوا عليه ... » هذا إسناد مدنيٌّ صحيح، قال الذهبي: مرسل (١).
قلت: وعبد الله بن أبي فروة مجهول، وبالجملة فالظاهر أنَّ هذا الحديث لو كان صحيحًا لاشتهر عند أهل المدينة وتناقلوه، والله أعلم.
فإن صحَّ فليس فيه التصريح بأنهم يسمعون، فيُحْمَل على أنَّ الله تعالى يُبَلِّغُهُمْ سلامَ مَن سلَّم عليهم، وفائدة الوقوف على قبورهم الاعتبار والادِّكار والتأسِّي، والله أعلم.
(١) المستدرك، كتاب المغازي، ردّ جواب السلام من شهداء أحد وكلامهم، ٣/ ٢٩. [المؤلف]