للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقع لخالد في قتال أهل الردة ما يشبه ذلك.

ففي هذه الأحاديث عذر النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لمالك بن الدُّخْشن, والرجل الذي استؤذن في قتله، [٦٥٨] والقائل له: اتق الله، وحاطب بن أبي بلتعة وسعد بن عبادة مع ما ظهر منهم، وَعَذَرَ المتكلمين في مالك بن الدُّخْشن والمستأمر في قتل الرجل، وخالد بن الوليد وعمر بن الخطاب وأسيد بن حضير ومعاذًا وأسامة والمقداد مع تكفير كلٍّ منهم لمن ليس بكافرٍ، مع أن في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أيُّما رجلٍ قال لأخيه: (يا كافر) فقد باء بها أحدهما» (١). وقد رُوي معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، وقد ترجم البخاري في صحيحه لهذا الحديث: (باب مَن أكفر أخاه بغير تأويلٍ فهو كما قال). وترجم بعده: (باب مَن لم ير إكفار مَن قال ذلك متأوِّلًا أو جاهلًا)، وذكر فيه قصَّة حاطبٍ ومعاذٍ (٢).

وقد ذهب جماعةٌ من الشافعيَّة إلى نحوٍ مما ترجم به البخاريُّ رحمه الله فقالوا: مَن كَفَّرَ مسلمًا بغير تأويل فهو كافر مرتدٌّ. وأطال ابن حجر الهيتمي في تقرير ذلك وتأييده في أوائل كتابه «الإعلام بقواطع الإسلام» (٣)، ونقل نحوه


(١) أخرجه البخاريُّ في كتاب الأدب، باب مَن كفَّر أخاه بغير تأويلٍ فهو كما قال، ٨/ ٢٦، ح ٦١٠٤ ــ واللفظ له ــ. ومسلمٌ في كتاب الإيمان، باب مَن قال لأخيه المسلم: يا كافر، ١/ ٥٦، ح ٦٠ ــ بنحوه ــ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) انظر: البخاريّ، كتاب الأدب، ٨/ ٢٦ - ٢٧. [المؤلف]
(٣) ص ٣٤٠ - ٣٤٥ (من طبعة الحلبي، ١٣٩٨ هـ).