للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعلّقها وهو يرى تمام العافية وزوال العلَّة منها على ما كان أهل الجاهلية يصنعون. فأما من تعلّقها متبركًا بذكر الله تعالى فيها وهو يعلم أَلَّا كاشف إلَّا الله ولا دافع عنه سواه فلا بأس بها إن شاء الله» (١). اهـ.

فكلام أبي عبيدٍ صريحٌ في أن التمائم تطلق على ما يكتب، وكذا كلام البيهقي أخيرًا؛ فإنه في التمائم بدليل قوله: «فيمن تعلقها وهو يرى تمام العافية»، [٦٨٣] وصريح في أن مراده التمائم المكتوبة؛ بدليل قوله: «فأما من تعلقها متبركًا بذكر الله تعالى فيها».

بقي كلام في حديث عائشة، وهو أن لفظه عند البيهقي في رواية: «ليست التميمة ما يُعلَّق قبل البلاء، إنما التميمة ما يُعَلَّق بعد البلاء ليدفع به المقادير» (٢). كذا وقع في هذه الرواية، ورجح البيهقي الرواية التي قَدَّمناها عن المستدرك، وكأنه انقلب الحديث في هذه الرواية، على أنها لو صحت لكان لها معنى، بأن يقال: المراد بالتمائم الخرز؛ فما علق قبل البلاء لزينة مثلًا فلا بأس به، وإنما البأس فيما يُعلَّق بعد البلاء لدفع المقادير، ولكن في هذا المعنى ركاكة؛ إذ لا يكون فائدة للتقييد بقبل البلاء وبعده، بل المدار على الباعث على التعليق، فكان وجه الكلام لو أريد هذا المعنى أن يُقال: ليس التمائم ما عُلِّق للزينة؛ وإنما التمائم ما علق رجاء النفع أو نحو ذلك، فالصواب ما رجَّحه البيهقي، وأن المتن في هذه الرواية انقلب على الراوي، والله أعلم.


(١) السنن الكبرى ٩/ ٣٥٠.
(٢) السنن الكبرى، كتاب الضحايا، باب التمائم، ٦/ ٣٥٠.