للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاكم بأن الحديث صحيح على شرط الشيخين وليس له علَّة وأقرَّه الذهبي، ويبعد أن يكونا لم يطَّلعا على الرواية التي ذُكِرَ فيها الكندي. وقد صحَّح الحديث أيضًا ابن حبان، رواه من طريق الحسن بن عُبيد الله (١).

وقد أشار البخاري في صحيحه إلى صحة هذا الحديث فإنه قال: «باب مَن [٧٠٧] أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال» ثم ذكر الأحاديث في ذلك، ثم قال: «باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا» ثم ذكر قول عمر لحاطب: إنه منافق، وقول معاذ للرجل الذي فارقه في الصلاة: إنه منافق، وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «من حلف منكم فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله»، وحديث نافع عن ابن عمر أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله وإلَّا فليصمت» (٢).

فأما حديث أبي هريرة فكأن البخاري استنبط من اكتفاء النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بقوله: «فليقل: لا إله إلا الله»، أنه لم يجعل ذلك رِدَّة مع أن الكلمة كلمة كفر؛ ولكن لما كانت لا تقع منه عمدًا وإنما يسبق لسان بعضهم إليها لاعتياده قولها قبل أن يُسْلِمَ عَذَرَهُمْ بذلك، وأخبرهم بما يدفع مَعَرَّةَ التلفظ بها وهو أن يعلن بنقيضها وهو قول لا إله إلا الله.

قال في الفتح: «وقال ابن العربي: مَن حلف بها جادًّا فهو كافر، ومَن


(١) انظر: صحيح ابن حبان (الإحسان)، كتاب الأيمان، ذكر الزجر عن أن يحلف المرء بشيء سوى الله جلَّ وعلا، ١٠/ ١٩٩ - ٢٠٠، ح ٤٣٥٨.
(٢) انظر: صحيح البخاريِّ، كتاب الأدب، ٨/ ٢٦ - ٢٧، ح ٦١٠٣ - ٦١٠٨. [المؤلف]