للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعمر أبيك الذي لا يهان ... لقد كان عرضك مني حراما

وقالوا: هجوت ولم أهجه ... وهل يجدن فيك هاجٍ مذاما (١)

استشهد بعِزَّة أبي امرئ القيس وسلامته من الذام على أنه لم يهجه، وأوضح ذلك بقوله: «الذي لا يهان»، وقوله: «وهل يجدن فيك هاج مذاما».

وقد يكون من هذا قول الآخر وقد مرّ: «فلا وأبي أعدائها لا أخونها»، كأنه جعل أعداءها كفلاء عليه لا يخونها، وإنما جعلهم كفلاء نظرًا إلى حالهم؛ لأنهم قد جرَّبوه وعرفوا صدق محبته لها وشدة حرصه على كتمان سرِّها، فلو سُئِلوا لقالوا: هيهات [٧١٥] أن يبوح هذا الرجل بسرِّ هذه المرأة.

وكذا قول الآخر وقد تقدَّم أيضًا: «لعمر أبي الواشين إني أحبُّها»، فإن الواشين أعرف الناس بمحبته لها وأحرص الناس على إذاعتها، أي: فمن شك في محبتي لها فليستمع إلى ما يقوله الواشون عني وعنها، ففي ذلك شهادة كافية. ومنه قول أبي خراش الهذلي:

لعمر أبي الطير المُرِبَّة (٢) غدوة ... على خالد لقد وقعن على لحم (٣)

أراد على لحم عظيم؛ لأن التنكير قد يفيد التعظيم، وأقسم بالطير التي وقعت عليه لأنها أعرف الخلق به. وكلمة: «أبي» في هذه الأبيات الثلاثة مقحمة كما علم من تفسيرها، وكأن الباعث على إقحامها الفرار مما يوهمه


(١) المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء ٢٠٨ - ٢٠٩. والشويعر هو محمد بن حمران بن أبي حمران.
(٢) أي: المقيمة الآلفة. المعاني الكبير لابن قتيبة ٣/ ١٢٠٠.
(٣) شرح أشعار الهذليِّين ٣/ ١٢٢٦.