للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسم من إجلال الأول أعداء محبوبته والثاني الواشين بخليلته والثالث الطير الواقعة على صاحبه، فرأى الأول أن إيهام إجلال أبي أعدائها أهون, وقس عليه، هذا مع مراعاة الوزن في الأبيات الثلاثة.

الضرب الخامس: أن يكون المحلوف به شيئًا حقيرًا، فيحلف به على كلام قصد به التهكم والاستهزاء، ويكون الحلف به قرينة على ذلك، كقول عروة بن مرة الهذلي:

وقال أبو أمامة يا لَبَكْرٍ ... فقلت ومَرخةٍ (١) دعوى كبيرُ (٢)

وقد حقق الأستاذ الفراهي أن عامة أقسام القرآن من الضرب الرابع، وذلك واضح في كثير منها، ويحتاج في بعضها إلى تدبُّرٍ.

فأما قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أفلح وأبيه إن صدق»، وقول أبي بكر: «وأبيك، ما ليلُك بليل سارق»، فيظهر أنه من الضرب الرابع.

[٧١٦] كأنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم استشهد حال ذلك الرجل؛ لأنها تدل على أنه سيفلح؛ فإن في قصته: «جاء رجل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل عليَّ غيرهنَّ؟ قال: لا، إلَّا أن تطوَّع، وصيام شهر رمضان، فقال: هل عليَّ غيره؟ فقال: لا، إلا أن تطوَّع، وذكر له رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الزكاة، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوَّع، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على


(١) المرخ: شجرٌ سريع الوري. القاموس المحيط ٣٣٢.
(٢) شرح أشعار الهذليِّين ٢/ ٦٦٤.