هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: أفلح إن صدق.
وفي رواية:«أفلح وأبيه إن صدق، أو: دخل الجنة وأبيه إن صدق»(١).
فمجيء الرجل من نجد واهتمامه بالسؤال عن فرائض الإسلام واعتناؤه بذلك حتى سأل بعد كل فريضة: هل عليَّ غيرها؟ ثم إدباره بعد ذلك، فعلم أنه إنما جاء للسؤال عن فرائض الإسلام لم يخلط بذلك رغبة في دنيا، ثم إقسامه ألّا يزيد على الفرائض ولا ينقص، وفي إقسامه ألَّا يزيد ما يدلُّ على صدق لهجته؛ إذ أظهر ما في نفسه ولم يبال بأنَّ عليه في ذلك غضاضة، كلُّ هذا يدلُّ على صدق إيمانه وقوَّة يقينه وتصميم عزيمته على الوفاء بفرائض الإسلام، وفي ذلك أقوى علامة على فلاحه.
فأما قول النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم:«إن صدق»، فهو كقول القائل: لأقضينك دينك إن شاء الله، فليس تعليقًا محضًا بحيث يخدش في دلالة الكلام على عزم المتكلم أن يقضي، وإنما هو دلالة على أنَّ عزمه على القضاء لا يقتضي علم اليقين بأنه سيقضي، وإنما يحصل علم اليقين بذلك العزم مع مشيئة الله عزَّ وجلَّ، فهكذا: أفلح وأبيه إن صدق؛ معناه: إنني أظنُّ ظنًّا قويًّا أنه سيفلح، ولكن ظنِّي هذا لا يكفي وحده [٧١٧] لحصول الفلاح، بل لا بدَّ معه من أن يصدق الرجل فيما وعد به أن يؤدِّي الفرائض ولا ينقص منها شيئًا.
(١) صحيح مسلمٍ، كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، ١/ ٣١ - ٣٢، ح ١١ (٩). [المؤلف]