للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم استشهد حال السامع من علمه بأن الله تعالى كثيرًا ما يخرق العادة لرسوله، وأقحم لفظ الأب، كما تقدَّم.

ومن الأجوبة: ما نقله الحافظ في الفتح، أن القَسَم في هذه المواضع للتأكيد محضًا، [٧١٩] كأن قائل ذلك أراد أن القسم انسلخ عن التكفيل والاستشهاد المستلزمين غالبًا للتعظيم، وصار بمنزلة إنَّ ونحوها للتوكيد فقط، كأنه قال: «أؤكِّد».

قال البيهقي في السنن: «ويحتمل أن النهي إنما وقع عنه إذا كان على وجه التوقير له والتعظيم لحقه دون ما كان بخلافه، ولم يكن ذلك منه على وجه التعظيم، بل كان على وجه التوكيد» (١).

ومنها: قول السهيلي: إنه للتعجب، كأنه أراد أن قوله: «وأبيه» بمنزلة قولهم: «لله أبوه»، وقس عليه.

هذه أقوى الأجوبة فيما أرى، والجواب الذي قدَّمته أشفُّها (٢)، إلا أنه قد يُطعن فيه بأنَّ دعوى إقحام لفظ الأب لا يعرف لها نظير في العربية.

وقد ردَّ أبو حيان قولَ مَن قال: إن كلمةَ «مثل» من قول الله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] زائدة، ردَّه بأن الأسماء لا تُزاد. ويُدْفَعُ هذا بأنَّ المعنى إذا اقتضى توجيه اللفظ بزيادة أو نقص أو تغيير لا تأباه الحكمة ولا تدفعه الصورة الكلية المرتسمة في ذهن العارف باللغة وما يقع فيها من التغيير، فإن ذلك التوجيه يُقْبَلُ وإن لم يوجد له نظير.


(١) سنن البيهقي ١٠/ ٢٩. [المؤلف]
(٢) أفضلها. انظر: الصحاح ٤/ ١٣٨٢.